اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 521
توبتك ويتجاوز عنك بسببها فتعيّن ان تكون فيه ابد الآباد وَمتى عرفت حالك في دنياك وأخراك انْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ وصرت عَلَيْهِ وعلى عبادته عاكِفاً مقيما عازما جازما لَنُحَرِّقَنَّهُ ولو كان هذا الها لم تحرقه النار ثُمَّ بعد الإحراق وبعد صيرورته رمادا لَنَنْسِفَنَّهُ وننشرنه فِي الْيَمِّ نَسْفاً نشرا ونثرا بحيث لم يبق من اجزائه في البر شيء وبالجملة قد أحرقها موسى عليه السّلام ونسفها
ثم توجه الى بنى إسرائيل فقال إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ المستجمع لجميع أوصاف الكمال وهو الحي القيوم الَّذِي لا إِلهَ ولا موجود في الوجود إِلَّا هُوَ وما سواه اعدام باطلة ولو تعقل سواه فلا يخرج ايضا عن حيطة حضرة علمه المحيط إذ هو سبحانه قد وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ في الذهن والخارج
عِلْماً كَذلِكَ اى مثل ما أوحينا الى موسى لهداية قومه وإهلاك عدوه قد أوحينا إليك يا أكمل الرسل من قصص السابقين ليعتبر من هلاك عدوهم من عاداك ويفرح من اهتداء صديقهم من صدقك وآمن بك إذ نَقُصُّ عَلَيْكَ قصصهم مع كونك خالي الذهن مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سلف وسَبَقَ بمدة مديدة وازمنة متطاولة وَبالجملة قَدْ آتَيْناكَ امتنانا لك مِنْ لَدُنَّا بلا واسطة معلم مرشد ذِكْراً كلاما جامعا بذكر جميع ما في الكتب السالفة من الحقائق والمعارف والاحكام والقصص على الوجه الأتم الأبلغ
وبالجملة مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ اى عن القرآن بعد نزوله وتشبث بغيره من الكتب المنسوخة فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً إثما ثقيلا وجرما عظيما لأخذه المنسوخة وتركه الناسخ بحيث يكونون
خالِدِينَ فِيهِ وفيما يترتب عليه في يوم الجزاء من العذاب المؤبد وَبالجملة قد ساءَ لَهُمْ لحامليهم يَوْمَ الْقِيامَةِ المخففة لحمل ارباب العناية حِمْلًا ثقيلا لهم يوقعهم في النار
اذكر يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ لإخراج ما بالقوة الى الفعل وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ المشركين يَوْمَئِذٍ زُرْقاً زرق العيون سود الوجوه وهما كنايتان عن الحسد والنفاق للذين هم عليهما في دار الدنيا ونظهر لهم يومئذ قبائحهم الكامنة فيهم في الدنيا
يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ ويتكلمون خفية هكذا هذه القبائح التي قد ظهرت علينا الآن انما هي من اوصافنا التي كنا عليها في دار الدنيا زمانا قليلا فبعضهم حينئذ يقول للبعض مستقصرا مستقلا إِنْ لَبِثْتُمْ وما مكثتم في دار الدنيا إِلَّا عَشْراً من الليال وبعضهم يقلل من ذلك وبعضهم يقلل من تقليله ايضا وهم في أنفسهم يخفون أحوالهم لئلا يطلع عليها احد
وكيف يخفون عنا إذ نَحْنُ أَعْلَمُ حسب علمنا الحضوري ب عموم ما يقولون من الأقوال المتعارضة ولا نذكر في كتابنا هذا الا ما هو اقرب الى الصواب إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً اى اميلهم الى الصدق وأقربهم الى الصواب إِنْ لَبِثْتُمْ وما مكثتم وتمكنتم فيها إِلَّا يَوْماً واستقصارهم مدة مكثهم في الدنيا انما هي من طول يوم الجزاء وهوله
وَيَسْئَلُونَكَ يا أكمل الرسل عَنِ الْجِبالِ في ذلك اليوم أهي على قرارها وقوامها حتى يؤوى ويلتجأ إليها أم لا فَقُلْ لهم يا أكمل الرسل يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً ويسحقها سحقا كليا كأنه قد اخرج من المناخل الدقيقة
فَيَذَرُها ويترك الأرض بعد نسف الجبال قاعاً مسطحا مستويا صَفْصَفاً ملساء
بحيث لا تَرى ايها الرائي فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً ولا نتوا ولا ربوة لاستواء سطحها
يَوْمَئِذٍ اى وقت نفخ الصور لاجتماع الناس في المحشر يَتَّبِعُونَ يعنى عموم الأنام السامعين الدَّاعِيَ الذي هو اسرافيل ويجتمعون عنده كل واحد منهم بطريق لا عِوَجَ لَهُ لاستواء الأرض وعدم المانع من العقبات والاغوار وَفي ذلك اليوم قد
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 521